السبت، 1 مارس 2014

طائر الحسون


طائر الحسون

إن المقامات التغريدية لطائر الحسون في البرية تتسم بما هو غريزي وما هو مقلد أو مأخوذ من طيور أخرى مغردة.

ويعتبر طائر الحسون من أحسن الطيور المغردة في أدائه، وخصوصا إذا كان تغريده مرتب ومقنن. أحبه الناس، وصار معشوق جل الطبقات وفئات من الناس، منهم الملوك والأمراء والنبلاء، ونخبة من البرجوازين، وطبعا عامة الشعب.

فطائر الحسون له تاريخ مرسخ عبر أجيال مرت عبر الزمان، والمكان. ففي عهد فتح بلاد الأندلس كان أسلافنا العرب يتباهون بالنغمات التغريدية لطائر الحسون التي تصدر من حنجرة لها ذبذبة صوتية جد قوية، مما يعطي لهذا الطائر الجميل فسخة للتفنن في تغريده، ونشر سحره على المنصتين بإعجاب كبير.

يتميز هذا الطائر الأنيق بالقوة في ترتيب مقاطعه التغريدية التي تأتي بتعديدات وتعويقات وتزويقات، وهي مصطلحات متعارف عليها بين عشاق تغريدات الطيور. بالإضافة إلى مقاطع منفردة يرتبها الطائر داخل التركيبة، كأنه تلميذ نجيب، أو مطرب يصدح بموال غنائي مركب من عدة كلمات شعرية مرتبة ترتيبا جيدا، مفعمة بألحان وجدانية، وكأنها روح طيبة زكية.

هذا هو الطائر الحسون الذي تغنى بأنشودة الطبيعة في قصور بني أمية بدمشق، وقصور البديع بمراكش الحمراء، وقصور قرطاج بتونس، وقصور غرناطة بالأندلس، ولعل هذا الامتداد التاريخي هو ما جعل طائر الحسون محبوب من كل مولع عربي، فتجده عند الدكتور، والمهندس، والمحامي، والتاجر، والصانع، وتم تأليف عدة أبيات شعرية وزجلية تتغنى بحب هذا الطائر الذي يشدو بأنشودة الطبيعة في البراري، رغم محاصرته من طرف الصيادين، فتراه يمتع بصوته الشجي هنا وهناك داخل مملكته، وكأنه يطالب المهتمين بقانون يحميه من بطش الصيادين والمهربين، لكي يظل أحد المنابع الجميلة لتزويع أناشيد الحرية، عبر أنشودة التغريد المستمدة من سحر الطبيعة، إنه معشوق ومحبوب الملايين المولوعين بتربيته. إنه بصدق طائر الحسون الأنيق.

ليست هناك تعليقات:

Blog Archive

Blogger news

Free Traffic Exchange